شارع السعدون ... رغم قدمه ما زال متألقا
أضيف بواسـطة

وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,

فيصل سليم

للمدن علاقة بشوارعها وكأنها تبوح بأسرار كينونتها منذ شهقتها الأولى وبغدادنا التي تلتحف السواد مرغمة لطالما صافحت عيوننا لشوارعها التي لا تنتهي وما أن تتذكر بغداد حتى يستعيد الذهن صورا عن رشيدها ومعروفها وأبي نؤاسها تلك الشوارع التي كتب على حيطان أبنيتها تاريخ طويل من الفرح والحزن اللذان امتزجا ليمثلا لوحة الحياة بكل تفاصيلها.

السعدون الذي تحول من بساتين ومزارع الى شوارع واحياء بدأ الحياة في ثلاثينات القرن الماضي.

وكانت بداية متعثرة كأي ما ورد في عالم الشوارع حيث بستان الخس الذي يقول عنه السيد هادي أبو حسن أصبح اليوم ساحة النصر الحالية وكذلك بستان (ماهو) فضلا عن مزارع صغيرة أخرى تعد الرابط ما بين البتاوين باتجاه أبي نؤاس ثم يصبح مثل سور أخضر يحيط بالقصر الأبيض الذي هو محل إقامة الملك آنذاك وفي بداية تكوين الشارع وتطوره مع ثلاثينات القرن الماضي وحتى أربعينياته كانت وسيلة النقل الوحيدة هي العربة (الربل) التي تجرها الخيول.

واستمر العمل حتى بعد دخول حافلات مصلحة نقل الركاب الإنكليزية الحمراء ذات الطابقين لكنها غادرتنا في ثمانينيات القرن الماضي شأنها شأن الفرح الذي رحل بقوافله الى الأبد.

 ويضيف أبو الحسن ان طول شارع السعدون يبلغ 3.5 كيلومترا حيث يبدأ من ساحة التحرير وحتى النهاية وبساحة الفتح في الكرادة الشرقية وكانت المناطق التي يخترقها الشارع من أرقى مناطق بغداد الحبيبة ويسكنها الأثرياء وميسوري الحال فنجد المسلم واليهودي والمسيحي والصبي والكردي يسكنون جنبا الى جنب.

بل ان هناك مقاه سميت بأسماء الطبقات الميسورة مثلا عمارة النصر كان فيها مقهى التجار اما عمارة النجوم ففيها كازينو (حجي زناد) التي يرتادها الشخصيات السياسية والمتنفذة وكذلك كازينو اليهود في عمارة نور التي هي مجاورة لعمارة النصر...  وهذه أغلبها كانت موجودة حتى منتصف ستينات القرن الماضي.

 للسعدون نكهة خاصة قد لا نجدها في الشوارع الأخرى وما يميز هذا الشارع هو شارع الأطباء والصيادلة.

إضافة الى المطاعم التي تستعرض مأكولاتها ذات النكهة الخاصة من أكلات بغداد المعروفة والمشهورة.

وإذا أثنيت على فنادقه تجيئك شركات السفر معترفة بذلك وإذا ما ذكرت مسارحه بخير أصبحت عليك الصالات السينمائية التي غابت عن الأذهان منذ فترة طويلة وأصبح البعض منها مخازن للبضائع.

لو فضلت الجلوس والتلذذ بشاي مقاهي السعدون قالت لك مكانية (خير جليس في الزمان كتاب) 

كل شيء في هذا الشارع منفرد وحيوي أنيق.. ولكن يبقى السعدون ملك لجميع العراقيين... رغم أنه سمي باسم النائب الراحل محسن السعدون الذي أنهى حياته الوطنية بطلقة في رأسه منتحرا.

رابط المحتـوى
عدد المشـاهدات 665   تاريخ الإضافـة 07/05/2023 - 12:35   آخـر تحديـث 28/03/2024 - 13:00   رقم المحتـوى 96591
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Ina-Iraq.net 2015