وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فريد هلال
الخيرُ هو بذرةُ الوجودِ الأولى، هو
تلك الشعلةُ الخفيةُ التي تُضيءُ مساراتِ الحياةِ دونَ أن تراها العيونُ، هو
النهرُ الهادئُ الذي يجري في عمقِ الروحِ، يُغذي كلَّ شيءٍ من حولهِ بصمتٍ ودونَ
مقابلٍ. الخيرُ لا يُرى ولكنه يُشعرُ، هو تلك اليدُ الخفيةُ التي ترفعُك عندما
تسقطُ، وتدفعُك نحو ما هو أجملُ دونَ أن تطلبَ.
أزرعْ من الخيرِ تحصدْ خيرَهُ، فهذا
قانونُ الحياةِ الذي لا يخيبُ. يظلُّ الخيرُ مزروعًا في القلوبِ، تمامًا كما يظلُّ
الظلُّ ملازمًا لصاحبهِ، يضلكَ ضلهُ، فلا حرارةَ تحرقُك ولا أذًى يمسكُ. من هنا
يسعى الكثيرُ أن يقفَ شامخًا ويدافعَ بمدافعِ أخلاقهِ التي ترمي زهورَ الودِّ،
فالجمالُ الحقيقيُّ في تلك المدافعِ التي لا ترمي سوى عطورِ المحبةِ. فكلُّ عطورِ
المحبةِ، الجملُ الزهورُ تطلقُ، فتنثرُ في الأرجاءِ روائحَ الخيرِ والودادِ.
فالمشاعرُ لا تدومُ إلا وإن كانت
الروحُ قريبةً من تلك كلماتِ الودِّ، فالودُّ هو الرابطُ الحقيقيُّ بين الأرواحِ،
وكلماتهُ هي الماءُ الذي يسقي تلك المشاعرَ لتبقى حيّةً ونقيةً.
هناك أمورٌ ما كنتَ تحسبُها تأتيكَ
بأسرارٍ ما كنتَ تعلمُها، لتكتشفَ أن الخيرَ الذي زرعتهُ يعودُ إليكَ بأشكالٍ لم
تتوقعها، في لحظاتٍ لا تخطرُ على بالكَ، فأسرارُ الحياةِ مليئةٌ بالمفاجآتِ، وما
تمنحهُ يعودُ لكَ مضاعفًا بطرقٍ لا تدريها.
فدعونا نبحر نحو الود |