وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم فريد هلال ,,
في شارع المتنبي حيث يلتقي عشاق الأدب والعائلة العراقية في قلب بغداد، حيث ينبض التاريخ والثقافة، يظل شارع المتنبي رمزًا حقيقيًا للعبقرية الأدبية. هذا الشارع الذي يحتضن الكتب وتتناثر فيه الحروف، يصبح في كل مساء ملتقى لكل عشاق الأدب من شتى الأرجاء.
شارع المتنبي ليس مجرد مكان لشراء الكتب، بل هو أكثر من ذلك بكثير. إنه فضاء ثقافي حيّ، يعج بالحياة والتفاعل بين الأدباء والقراء، حيث تقام النقاشات الأدبية، وتُشعل الحوارات بين الأجيال حول معنى الأدب وجوهره. يُعتبر هذا الشارع، الذي سُمّي على اسم الشاعر العربي الكبير المتنبي، مركزًا ثقافيًا ذا طابع خاص، يمثل رمزًا حقيقيًا لارتباط الأدب بتاريخ العراق والعالم العربي.
يتنقل الزوار في أرجاء الشارع، حيث يجدون المكتبات التي تزخر بألوان الكتب والمخطوطات، ويشعرون وكأنهم في رحلة عبر الزمن، بين عبق الحروف وجماليات الفكرة. لكن ما يميز هذا المكان هو الحضور الدائم للعائلة العراقية بكل أفرادها، الذين يعتبرون شارع المتنبي جزءًا من تاريخهم الثقافي ومن طقوس حياتهم اليومية.
في هذا المكان، لا تقتصر الزيارة على شراء كتاب جديد أو الاطلاع على آخر الإصدارات. بل هي تجربة ثقافية يعيشها الزوار حتى آخر الليل، حيث تمتزج الأصوات المتناغمة للمناقشات الأدبية مع صدى الشعر الذي يملأ الأجواء. الكتب تصبح جزءًا من الحياة اليومية، ولا تقتصر على صفحاتها، بل تنبض في كل زاوية وكل محادثة.
في شارع المتنبي، تجد العراقيين من مختلف الأعمار يتناقشون في قضايا الأدب، والفكر، والسياسة، وكل ما يخص هويتهم الثقافية. إنه مكان للالتقاء والمشاركة في محفل أدبي جماعي، يجمع بين الأدب والذكريات والأحلام.
شارع المتنبي هو في الحقيقة أكثر من مجرد شارع؛ هو معلم ثقافي لا يكتمل إلا بتجربة الزوار الذين يقصدونه من أجل البحث عن الحقيقة في بين طيات الكتب، وفيما تبقى من عبق الأدب الذي لم يغادر هذا الشارع منذ نشأته. هناك، حيث لا تقتصر الكتب على الورق فقط، بل تُكتب أيضًا على جدران المدينة، في نفوس محبي الأدب الذين يجعلون منه مركزًا للأمل والإلهام. |