وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم فريد هلال ,,
رمضان ليس مجرد شهر نصوم فيه عن الطعام والشراب، بل هو امتحان شهري كتبه الله للجميع، امتحان نتعلم منه بمرور السنين، فننضج مع كل عام جديد. ومع غروب الشمس، تبدأ الطقوس التي تنقش في الذاكرة دروسًا لا تُنسى. لحظة الانتظار والتأمل يجلس الجميع بقلوب خاشعة، وأعين تتجه نحو الساعة أو تنصت إلى صوت المؤذن. الصغير قبل الكبير يترقب تلك اللحظة التي تعلن انتهاء يوم من الصبر والعبادة. ومع أول نداء، تتوحد الأيدي بالدعاء، وكأنها ترفع إلى السماء أمنيات العمر، فالصائم عند فطره دعوة لا تُرد. مدفع الإفطار: صوت يحمل التاريخ قبل أن تمتد الأيدي إلى الطعام، يدوّي مدفع الإفطار، ذلك الصوت الذي كان لسنوات طويلة يُعلم الناس بموعد الإفطار، رغم أن الزمن تغير والوسائل الحديثة تطورت، إلا أن صوت المدفع ما زال رمزًا محفورًا في الذاكرة، يأخذنا إلى طفولتنا وإلى أزمنة مضت. مائدة تجمع القلوب قبل الأجساد نجلس معًا، نأكل مما قُسم لنا، لا فرق بين غني وفقير، فاللذة في الاجتماع، وفي الأحاديث الدافئة التي تدور حول المائدة. ينظر الطفل إلى أهله وهم يضحكون، يتبادلون الأحاديث، فيتعلم دون أن يدرك أن رمضان ليس فقط صيامًا، بل هو اجتماع القلوب على المحبة والخير. الصلاة والطمأنينة بعد الإفطار، تنهض الأرواح لأداء صلاة المغرب، سجودٌ بعد الامتلاء، وخضوعٌ بعد الامتحان، ثم نعود لنجلس، نمسك أكواب الشاي أو القهوة، ونستعد لليلة أخرى من العبادة والتأمل. البعض يذهب لصلاة التراويح، والبعض يجلس مع عائلته، لكن في كل الحالات، تبقى الأجواء رمضانية، روحانية، لا تُنسى. ومع مرور الأيام... تنتهي الأيام سريعًا، وندرك أن رمضان لم يكن مجرد أيام صوم، بل كان رحلة داخلية تعلمنا فيها الصبر، الإحسان، والشكر. نتعلم أن اجتماع العائلة لا يجب أن يكون فقط في رمضان، وأن رفع الأيدي بالدعاء عادة لا ترتبط بشهر معين، بل يجب أن تكون أسلوب حياة. رمضان هو امتحان... لكنه أيضًا درس، ومن فهمه جيدًا، عاشه بروحه لا بجسده، وتذكره حتى بعد رحيله. رمضانُ دربُ الصائمينَ إلى التُقى فيهِ القلوبُ تُضيءُ مثلَ المُشْرِقِ |