وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,, بِقَلَمِ: فَرِيدٍ هِلَالٍ
الْوُدُّ هُوَ نَبْضُ الْعَلَاقَاتِ الصَّافِيَةِ، وَهُوَ ذَاكَ الشُّعُورُ الَّذِي لَا تُقَيِّدُهُ الْمَصَالِحُ، وَلَا تُغَيِّرُهُ الْأَيَّامُ. إِنَّهُ رَابِطَةٌ خَفِيَّةٌ تَرْبِطُ الْأَرْوَاحَ، فَتَجْعَلُ اللِّقَاءَاتِ دَافِئَةً، وَالْغِيَابَ مُؤَقَّتًا، وَالِاخْتِلَافَاتِ بِلَا أَثَرٍ يُفْسِدُ أَصْلَ الْمَحَبَّةِ. فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي أَصْبَحَتْ تَحْكُمُهُ الْمَصَالِحُ، يَبْقَى الْوُدُّ هُوَ مَا يُمَيِّزُ النُّفُوسَ الصَّادِقَةَ. لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَبْرِيرٍ، وَلَا يَتَطَلَّبُ مَجْهُودًا كَبِيرًا لِإِثْبَاتِهِ، فَهُوَ يَظْهَرُ فِي أَبْسَطِ التَّفَاصِيلِ فِي كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، فِي وَقْفَةٍ صَادِقَةٍ، فِي تَذَكُّرٍ بِلَا مُنَاسَبَةٍ، وَفِي دُعَاءٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ. الصَّدِيقُ الَّذِي يَوَدُّكَ دُونَ مُقَابِلٍ، وَيَسْأَلُ عَنْكَ دُونَ حَاجَةٍ، وَيَبْقَى رَغْمَ الْمَسَافَاتِ وَالتَّغَيُّرَاتِ، هُوَ كَنْزٌ لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ. فَلَا تُنْكِرْ صَاحِبَكَ إِنْ كَانَ الْوُدُّ بَيْنَكُمَا هُوَ الْأَسَاسَ، وَلَا تَجْعَلْ مِنَ اللَّحَظَاتِ الْعَابِرَةِ أَوِ الْمَوَاقِفِ الْعَابِرَةِ سَبَبًا لِطَمْسِ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ النَّقِيَّةِ. قَدْ نَخْتَلِفُ، وَقَدْ تُفَرِّقُنَا الظُّرُوفُ، لَكِنَّ الْوُدَّ يَبْقَى هُوَ الْوَعْدَ الَّذِي لَا يُخْلِفُهُ الْقَلْبُ الصَّادِقُ، لِأَنَّهُ بِبَسَاطَةٍ لَيْسَ عَقْدًا مَكْتُوبًا، بَلْ شُعُورٌ رَاسِخٌ بَيْنَ الْأَرْوَاحِ. وَإِنْ صَفَا لَكَ إِنسَانٌ فَصُنْ وَدَّهُ فَالصَّدْقُ أَغْلَى هَدَايَا الْقَلْبِ لِلْبَشَرِ |