وكالة الأنباء العراقية المستقلة متابعة ,,
لم تعد آلام الركبة حكرا على كبار السن، بل أصبحت ظاهرة متزايدة بين الشباب في العقدين الثالث والرابع من العمر، وفقا لتقارير طبية حديثة. هذا التحول يعكس تغيرات جذرية في أنماط الحياة الحديثة، حيث باتت السمنة والرياضات عالية الشدة من العوامل الرئيسية التي تهدد صحة مفصل الركبة، أحد أكثر مفاصل الجسم عرضة للتآكل، وفقا لموقع "نيويورك بوست". وتشير بيانات من وزارة الصحة الأمريكية إلى ارتفاع مذهل بنسبة 240% في عمليات استبدال الركبة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و64 عاما خلال الفترة من 2000 إلى 2017. وتؤكد دراسة نُشرت في مجلة "Osteoarthritis and Cartilage" أن أكثر من نصف الأفراد في الثلاثينيات يظهرون علامات مبكرة لتلف غضروف الركبة، مثل العيوب الصغيرة أو الزوائد العظمية، حتى دون ظهور أعراض واضحة. وتعد السمنة السبب الأبرز لهذه الظاهرة، إذ يصنف أكثر من 40% من البالغين في الولايات المتحدة كبدناء، وفقا لتقرير نشرته قناة "فوكس نيوز". ويؤدي الوزن الزائد إلى ضغط هائل على مفاصل الركبة مع كل خطوة، مما يُسرع تآكل الغضروف ويزيد مخاطر الإصابة بالتهاب المفاصل والفصال العظمي. ويحذر الأطباء من أن هذا التآكل المستمر قد يؤدي إلى آلام مزمنة، وقد ينتهي الأمر باستبدال المفصل في سن مبكرة. على الجانب الآخر، تُسهم الرياضات عالية الشدة، خاصة في الأوساط المدرسية والجامعية، في تفاقم المشكلة. فالإصابات الناتجة عن هذه الأنشطة، مثل تمزق الأربطة أو تلف الغضروف، قد تُعالج مؤقتًا، لكن آثارها طويلة الأمد. ونظرا لعدم قدرة الغضروف على التجدد بشكل كامل، تتراكم الأضرار تدريجيا، مما قد يؤدي إلى الفصال العظمي وفقدان الحركة. ويؤكد الخبراء أن الوقاية ممكنة من خلال الحفاظ على وزن صحي، حيث إن خفض الوزن ولو بنسبة طفيفة يمكن أن يقلل الضغط على الركبة بشكل كبير. كما يُنصح بممارسة تمارين تقوية العضلات المحيطة بالركبة، مثل العضلة الرباعية وأوتار الفخذ، لدعم المفصل وحمايته. وبالنسبة للأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة جالسين، يُوصى بإدراج ساعة يومية من النشاط البدني، مع فترات راحة للتمدد والحركة، إلى جانب اختيار أحذية داعمة. في حال ظهور آلام الركبة، يحذر الأطباء من تجاهلها، إذ قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الحالة. العلاج الطبيعي أو التدخلات المبكرة، مثل الجراحة التنظيرية، يمكن أن تحافظ على وظيفة المفصل وتمنع الحاجة إلى استبداله. ويشدد الخبراء على أن التدخل في الوقت المناسب قد يُحدث فارقا كبيرا بين حياة طبيعية نشطة والمعاناة من آلام مزمنة أو الحاجة إلى جراحة معقدة. تُظهر هذه الظاهرة أن آلام الركبة لم تعد مجرد "مرض الشيخوخة"، بل انعكاس لتحديات أنماط الحياة الحديثة. فالجمع بين الوزن الزائد والنشاط البدني المكثف يشكل تهديدا متزايدا لصحة المفاصل لدى الشباب. ومع استمرار هذه الاتجاهات، يبقى الوعي والوقاية السلاح الأقوى للحفاظ على صحة الركبة وتجنب تداعياتها المؤلمة. |