وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فيصل سليم. ,,
لم تكن الحياة
البغدادية في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي,كما هي عليه اليوم من تعقيدات
وانشغال افراد الاسرة الواحدة بأهتماماتهم الذاتية بل كان يسموها جو من الالفة
والترابط والحميمية, لاسيما في الاوقات التي تجتمع فيها الاسرة البغدادية للتسامر.
اوقات المساء في ليالي الشتاء الباردة.
فعادة ماتكون
البيوتات البغدادية في ذلك الزمن تخلو من وسائل الترفيه. كالتلفاز وغيره لذلك تضطر
الاسرة الى الجلوس حول موقد النار, لللاستماع الى حكايات الجد او الجدة في جلسة
تخللها الحلوى والاكلات الشعبية البغدادية.
ولعل اكثر
الاكلات والحلوى التي كانت تقدم لافراد الاسرة البغدادية في هذا الجوالاحتفالي
تكون مصنوعة من التمر او مشتقاته الاخرى, نظرآ لوفرته وزهد اسعاره وامكانية صنع
العديد من الاكلات والحلوى منه, فضلا عن السعرات الحرارية التي يوفرها في الليالي
الباردة في تلك الاوقات من السنة.
ولما كانت
وسائل التدفئة في اغلب بيوت الفقراء في ذلك الزمان الجميل تكاد تقتصر على مواقد
الجمر {الكانون} فقد كان البلوط الكردستاني الفاخر حاضرآ في ذلك الاساسي اذيقوم
البغداديون ,لا سيما الاطفال منهم يمشي البلوط على جمر الموقد حتى ينضج وهم
يستمعون الى حكايات الجدة عن {السعلوة} و{الشاطر حسن} في حين ان افراد الاسرة
الاكبر سنا يتناولون في جلسات السمر الشلغم مع الدبس او التمر الاشرسي مع الجوز
وغيرها من الاكلات والحلوى.
الاكلات
والحلوى الشعبية البغدادية في ليالي الشتاء الباردة كانت تتنوع يوميا الا ان
قاسمها المشترك يبقى التمر, لاسيما النوعيات التي يتأخر نضوجها الى مايعد موسم
الصيف, كالاشرسي والزهدي اللذين يدخلان في صناعة العديد من الحلوى الشعبية
وللتخفيف من منذاقها الحلوجدا تعمد {ام البيت} الى خلط الحلوى المصنوعة من التمر
بالسمسم او الراشي في حين انها تعمد الى زيادة المذاق الحلو للشلغم الذي يتناوله
من خلال اضافة التمر او الدبس اليه. ان
هذه العادات البغدادية في ليالي الشتاء الباردة كانت طقوسا احتفالية اكثر منها
حاجة لتناول الطعام او الحلوى نتيجة بساطة الحياة
في حينها وخلوها من وسائل الترفية الاخرى خصوصا بالنسبة للاطفال والنساء.
وبسبب ازدياد
سرعة الحياة في وقتنا الراهن, واتساع مساحات البيوت واحتوائها عللى غرف عديدة
ودخول التكنلوجيا ووسائل الترفية الحديثة الى الحياة احذت هذه العاذات والطقوس
البغدادبة تنحسرشيئا فشيئا الى ان تلاشت نهائيا وبفقدانها انفقدت الاسرة البغدادية
جوا اسريا حميمآ وطقسآ احتفاليا لازمها طويلا, وكان من اهم عوامل ترابطها
اجتماعيا. |