وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلــــم / وســــن الجبــــوري ,,,
في الأونة الأخيرة برزت ظاهرة الأطفال
المشردين في شوارع بغداد بشكل كبير وأصبحت من ضمن القضايا الأجتماعية الأكثر
ألحاحاً في العراق نظراً لتماسها المباشر وتأثيرها على البنية الأجتماعية والأمنية
وعلى مستقبل جيل كامل ... فالمتشرد ليس مجرد شخص بلا مأوى بل هو أنسان فقد شبكة
الأمان التي يفترض أن يوفرها المجتمع ـ البيت ـ الأسرة .. حيث تتداخل عوامل الفقر
والنزاعات والبطالة وفشل السياسات الأجتماعية لتنتج شوارع مكتظة بأشخاص يقاومون
قسوة الحياة وحدهم .. فتظر مشاهدات يومية في مناطق مثل الباب الشرقي .. الكرادة ..
الكاظمية .. العلاوي .. والشوارع التجارية الكبرى ولا تخلو أي منطقة في بغداد من
هؤلاء الأطفال الذين يعملون في مسح السيارات وبيع المناديل والتسول أو التجوال بلا
هدف .. فقد أدت الظروف الأقتصادية والسياسية والأمنية التي مر بها البلاد خلال
العقود الأخيرة الى أزدياد عدد الأطفال الذين يجدون أنفسهم بلا مأوى أو منخرطين في
أعمال شاقة في الشوارع لتأمين لقمة العيش .. وتشير تقارير منظمات محلية الى أن عدد
هؤلاء الأطفال في تزايد نتيجة الأزمات الأقتصادية .. فبدل من أن يقضي الطفل سنوات
الطفولة في اللعب والتعلم والعيش داخل أسرة تمنحه الأمان نجده يتجول في الشوارع
يحمل على كتفيه هموماً تفوق عمره بكثير ..
يعيش الطفل المشرد حياة مليئة بالخطر
يواجه البرد والحر والمرض دون حماية وقد يتعرض للأستغلال من قبل عصابات التسول أو
يجبر على أعمال شاقة لا تتناسب مع عمره كما يحرم من التعليم وهو مايدفعه للبقاء في
دائرة الفقر والحرمان طول حياته أما الكرامة الأنسانية وهي أبسط حقوق الطفل فتتعرض
للتجريح يومياً بين نظرة المجتمع وتجاهله لهم .
خطورة التشرد على الطفل
1ـ الحرمان من التعليم / يحرم الطفل من
فرحة الذهاب للمدرسة أسوة بأقرانه مما
يكرس دائرة الفقر والجهل .
2ـ الأستغلال / حيث يصبح الأطفال
المشردون عرضة للتسول المنظم والأتجار بالبشر والعمل القسري وحتى الأستغلال الجنسي
.
3ـ مشاكل صحية خطيرة / حيث يعيش الطفل
في بيئات غير نظيفة ويتعرض لسوء التغذية والأمراض .
4ـ الأضطرابات النفسية / حيث أن الخوف
المستمر من التشرد وغياب الدعم النفسي يؤدي الى القلق والأكتئاب وأضطرابات السلوك
.
ولخطورة هذه الظاهرة على الفرد
والمجتمع يجب معرفة أسباب التشرد وهي :
1ـ الفقر والبطالة / بسبب الفقر وعدم
توفر الأمكانية تلجأ بعض العائلات الى تشغيل الأطفال في أعمال لا تتناسب معهم بسبب
العجز المادي لتوفير لقمة العيش .
2ـ الحروب والصراعات / التي خلفت موجات
نزوح ألاف الأسر التي فقدت مساكنها أو مصادر رزقها مما دفع بعض الأطفال الى
الشوارع .
3ـ الأعمال الأرهابية في البلاد / التي
أدت الى فقدان المعيل وهو رب الأسرة فتضطر الأم الى تشغيل أطفالها لأنها لا تمتلك
القدرة على العمل فتزج بهم الى الشارع .
4ـ التفكك الأسري / الطلاق ـ العنف
المنزلي ـ والأدمان داخل الأسر تعد عوامل رئيسية تدفع الأطفال للهروب والعيش في
الشارع .
ولمعاجة هذه الظاهرة يجب وضع حلول للحد
منها أو القضاء عليها وهي :
1ـ تقديم دعم مادي للأسر الفقيرة لمنع
أطفالهم من الخروج الى الشارع .
2ـ التعاون بين الدولة والمجتمع المدني
والمدارس لأستيعاب الأطفال المشردين وأعادة دمجهم مع أقرانهم .
3ـ تعزيز القوانين الخاصة بحماية الطفل
وتطبيقها فعلياً .
4ـ أعداد برامج تأهيل نفسي وتعليمي
للأطفال الذين يتم أنقاذهم من الشارع .
وفي الخاتمة :
أن المشردين ليسوا مجرد أعداد تذكر في
تقارير المنظمات الأنسانية أو غيرها بل أرواح تحمل قصصاً موجعة تستحق أن تسمع .
والأهتمام بهذه القضية واجب أنساني وأخلاقي في كل مجتمع يسعى للعدالة والرحمة ..
فحل مشكلة التشرد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع متماسك يحمي أضعف أفراده قبل أقواهم
.
أن الأطفال المشردين ليسوا مجرد مظهر
من مظاهر الفقر بل هم رسالة قاسية يوجهها الواقع الى ضمير المجتمع .. ولعل أبسط
واجب تجاههم هو أن تدرك أنهم يحتاجون لمن يعيد لهم أحساسهم بلأمان ليكبروا بكرامة
ويصبحوا قادرين عل بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولوطنهم . |