وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,, 

بقلم / وســــن الجبــــوري ,, 

برزت ظاهرة التحرش في الأونة الأخيرة بشكل علني واصبحت من أخطر المظاهر الأجتماعية التي تتسلل بصمت الى تفاصيل الحياة اليومية لتشكل تهديداً مباشراً لسلامة الأفراد وكرامتهم .. ورغم الجهود التي بذلت للحد منها فأنها ما تزال تتوسع في الشارع ووسائل النقل والفضاءات الألكترونية لتصبح مشكلة عامة تتطلب مواجهة حقيقية تتجاوز حدود الكلام الى الفعل .

قد يظن البعض أن التطور التكنلوجي والوعي المتزايد يحدان من السلوكيات المسيئة ألا أن الواقع يشير الى العكس فالتحرش لم يتراجع بل أعاد أنتاج نفسه بأشكال جديدة أكثر خفاء .. ففي الوقت الذي كان التحرش سابقاً فعلاً مباشراً يرتكب في الشارع أو أماكن العمل أصبح اليوم يتخذ صور رقمية مثل الرسائل المسيئة والتهديدات والتعليقات غير اللأئقة وربما نشر الصور دون أذن .

هذا التحول يؤكد أن المشكلة ليست في المكان بل في العقلية التي ترى جسد الأخر حقاً باحاً .. لا يمكن فهم التحرش دون التوقف عند خلفياته الثقافية .. فهناك مجتمعات ما تزال تحمل الضحية جزءاً من اللوم بينما تبرر للجاني أعتداء تحت مسميات الطبيعة البشرية أو المرح { التخلف } .

ويعد ضعف الوعي الاسري وغياب التربية السليمة على أحترام الحدود الشخصية وظغوط الحياة وتطبيع السلوك المسيء في بعض الأعمال الدرامية عوامل تغذي أستمرار الظاهرة .

قد تمر لحظة التحرش سريعاً لكنها تبقى محفورة طويلاً في ذاكرة الضحية حيث يشير مختصون في علم النفس الى أن التحرش يخلق أثار نفسية عميقة مثل .. القلق ,, الخوف من الأماكن العامة .. الشعور بالأهانة أو فقدان السيطرة .. ضعف الثقة بالنفس .. الميل الى الأنعزال .. هذه الأثار تظهر أن التحرش ليس حدثاً عابراً بل تجربة تهز الأمان الداخلي للفرد ...

وفي الختام .. أن التحرش ليس مجرد تصرف خاطئ بل أنتهاك صريح لحق الأنسان في الأمان والأحترام ومواجهته لا تكون بالصمت بل بالوعي وبناء ثقافة أجتماعية تعلي من شأن الأنسان وتحميه من أي فعل ينتقض من شخصيته .. فلمجتمع الذي يحترم أفراده يحترم نفسه أولاً ... والمجتمع الذي يسمح بالتحرش  يفقد شيئاً من أنسانيته كل يوم .