03/05/2024
الأخبار السياسية | الأخبار الأمنية | أخبار المحافظات | الأخبار العربية | الأخبار العالمية | أقوال الصحف العراقية | المقالات | تحليلات سياسية | تحقيقات | استطلاعات
عالم الرياضة | حوار خاص | الأخبار الثقافية والفنية | التقارير | معالم سياحية | المواطن والمسؤول | عالم المرأة | تراث وذاكرة | دراسات | الأخبار الاقتصادية
واحة الشعر | علوم و تكنولوجيا | كاريكاتير
مذكرات انجي أفلاطون :
مذكرات انجي أفلاطون :
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم

خاص ,, وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,, 

الفن و التمرد جعلا شخصيتها مميزة

نحن كقراء أمام نموذج من النساء ذات الصفات المحببة حيث تنحاز شخصيتها بكليتها الى الشعب و تصبح شعبية انسانية ..

و هكذا كانت انجي أفلاطون

تعال معنا في هذا الموضوع

لنرى التفاصيل عنها ..

و هذا صحيح , و حياة انجي الرسامة العظيمة التي تجاوزت المحلية الى العالمية , و المناضلة التي آمنت بالاشتراكية منذ مطلع شبابها , واحتملت في سبيل نضالها كل مشاق الهروب و السجن و الاعتقال و الملاحقة – جديرة بأن تكون نموذجا لصلابة الايمان بالمبدأ , والعمل في سبيل تحقيقه , مهما لقي صاحبه من عقبات .

و نقطة الامتياز هنا ان شروط حياتها لم تكن تؤهلها لشيء من هذا كله : هي بنت الأرستقراطية المصرية ذات الاصول التركية , جدها الأكبر حسن الكاشف شخصية معروفة في تاريخ العسكرية المصرية , ولي (( نظارة الجهادية و البحرية )) – أي وزارة الحربية – في الوزارة التي شكلها محمد توفيق في 1879 و مات عن تركة واسعة من الأراضي الزراعية . و أبوها – الدكتور حسن أفلاطون – درس العلوم في جامعات سويسرا و انكلترا , ورجع مدرسا بكلية الطب , ثم انتقل لكلية العلوم حين انشأت , و أصبح عميدا لها بضع سنوات , وامها بنت عم أبيها صالحة أفلاطون .. أول مصممة أزياء مصرية , شجعها طلعت حرب على اقتحام هذا المجال الذي كان حكرا لليهود و الأجانب , وسرعان ما أصبحت مصممة أزياء الأميرات و نساء الأرستقراطية المصرية و المتمصرة .من أين جاءت الصبية الصغيرة بذرة التمرد على واقعها المترف ؟ قد لا نعرف جوابا محددا , لكنها تقول لنا : انها بدأت تعبر عن نفسها حين أدخلها أهلها مدرسة من مدارس (( بنات الذوات ))  هي مدرسة الساكر كير , أو القلب المقدس )) , و كانت مشهورة بصرامتها و تزمتها , و بأنها المدرسة التي تخرج الفتيات المثاليات في الطاعة للأسرة و الزوج , بعد أن تجعلهن في الصورة التي يرضى عنها مجتمع الرجال التقليدي , و سرعان ما ضاقت الصبية بتلك القيود : (( لقد كرهت بكل شعوري و وجداني تلك المدرسة , و شعرت انها أقرب الى السجن , كرهت القيود على حريتي , و العيون التي ترصد حركاتي و سكناتي و تدين كل ما أفعله , و أدركت لأول مرة – و لم أكن قد تجاوزت الثانية عشرة أن التمرد حالة ضرورية للتصدي للظلم الواقع علي , قررت أن أبدأ . و من هنا أستطيع أن أقرر .. دون فخر , و ايضا دون تواضع .. ان التمرد كان السمة التي لازمت حياتي فيما بعد )) .

و هذا صحيح كذلك .لقد تمردت انجي على تقاليد طبقتها الفارغة و ممارساتها , في الفكر و العمل , في الحب  الزواج , في الايمان بالناس و الموقف من الاستعمار و السلطة المتحالفة معه . من (( الساكر كير )) الى (( الليسيه الفرنسيه )) حيث أتمت دراستها , و أصرت على ضرورة أن تعمل كي تحقق استقلالها الاقتصادي و الحياتي , لكن اصرارها الرئيسي كان أن تقوم بعملية (( تمصير ))  كاملة  لذاتها , كانت – حتى السابعة عشرة – لا تتحدث بغير الفرنسية , وحين بدأت تختلط بالناس وجدت لسانها معقودا !

 وبعزيمة صلبة و تصميم قاس , بدأت تتعلم العربية , وشيئا فشيئا راحت تتعرف على حياة (( الناس الي تحت ))  , اولئك الذين ستربط مصيرها بمصائرهم حتى نهاية العمر . كانت هوايتها للرسم واضحة , وكانوا يأتون لها بمدرسين خصوصيين يعلمونها , و لعل أهم مفاجئات عمرها , والتي قادت خطاها نحو الطريق الذي استوعب فنها و حياتها جميعا . ان أحد اولئك المدرسين لم يكن سوى الفنان الطليعي , الرسام السينمائي الكاتب , كامل التلمساني . تقول انجي : لم يمض وقت طويل حتى أدركت أن دروس التلمساني ليست دروسا في الرسم فقط , بل نافذة ساحرة على الحياة , و على مصر الحقيقية , نافذة على المعنى الحقيقي للفن و الرسم ليس الا التعبير الصادق عن المجتمع  و الذات – هكذا تعلمت من التلمساني . لقد طلب مني نسيان كل القواعد المدرسية الجامدة . و كانت دروسه محاضرات مفتوحة عن تاريخ الفن والانسان عبر العصور مع ابراز نضال الانسان من أجل التقدم )) . و اندفعت انجي ترسم و التلمساني يزداد حماسة لها , فيشركها في معارض (( جماعة الفن و الحرية )) , و دخلت بنت الارستقراطية دائرة مثقفي اليسار. و انطلقت تقرأ عن الفقر و الاستغلال المزدوج للمرأة في قضايا الاستعمار و التحرر  الوطني .. الخ باختصار تقول : وجدت نفسي

(( وجدت نفسي أقتنع بعمق و صدق بالاشتراكية العلمية و بالعمل الوطني من أجل تحرير بلادي من وطأة المستعمر و تحكم الاقطاع و الطبقة البرجوازية المتعاونة مع المستعمر )) .و باختصار أيضا اختارت الانضمام الى لأحدى المنظمات الشيوعية التي كانت قائمة وقتذاك هي منظمة ( ايسكرا ) و ذلك في نفس السنة التي أنهت فيها دراستها :

1944 , وشرعت تزيد من اسراعها في تعلم العربية, الأداة الضرورية لممارسة العمل السياسي ( تروى لنا هنا واقعة طريفة ) : تطوع الشاعر فؤاد حداد – و قد كان مثلها ذا ثقافة فرنسية – متخرجا من الليسيه – أن يعلمها العربية , وفي أحد الدروس عرضت كلمة (( الهوى )) فحسبتها تعنى (( الهواء )) و فسرتها على هذا النحو , فما كان من الشاعر الا أن ضحك و سألها : الله , انتي ما جيتيش أبدا بالعربي ؟

 و ظلت انجي تسعى للاشتراك في مؤتمرات الطلبة و النساء في العالم . و تشارك في النضال العلني , و تقوم بدور فعال في كل الانشطة ذات الطابع الوطني و الديموقراطي في تلك الفترة الحافلة ما بين انتهاء الحرب العالمية ويوليو 1952 , وفي تلك الأثناء – في 1948 – تزوجت انجي - عن حب و اختيار – من وكيل النيابة (( محمد أبو العلا )) الذي كان منتميا – بدوره – تنظيمات اليسار و حقق لها الزواج كثيرا من ما تفتقده , وأعادها الى ممارسة فنها الجميل الذي كانت قد توقفت عن ممارسته منذ حوالي العامين .

كانت المرحلة الاولى مرحلة التحرر و التعبير عن الذات , أي المرحلة السوريالية قد انتهت باندماجي الكلي في العمل السياسي و اقتناعاتي الايديولوجية الثورية .

 فكان لابد من طريق جديد في الفن .. كانت رغبتي الأساسية حينئذ هي  أن أعبر عن رغبتي في اقع و أحلام الانسان البسيط المطحون الذي يكدح اليوم بطوله في ظروف عمل بشعة .. كنت أريد أن أكشف لكل الناس استغلال الانسان للإنسان .. و أضع في دائرة الفن وضع المرأة المتخلف في المجتمع المصري .. و كان هذا يتطلب مني أن أدرس الرسم من جديد دراسة حقيقية .. و هكذا التحقت انجي بمراسم عديدة , و بالقسم الحر في كلية الفنون الجميلة ..

   و بعد ذلك أستطيع أن أقرر أن المدرسة الكبرى التي تعلمت منها حقا و أحببتها لأنها مصدر الهامي كانت هي بلدتي في الريف )) .

امتلكت الفنانة الموهوبة أدواتها , اذن , فانطلقت تعبر عن أفكارها الجديدة و وجدانها الشاب من خلال فنها الجميل , تقيم المعارض و تحصل على التقدير و الجوائز من هنا و هناك .

ألم يكن غريبا أن تتجه انجي أفلاطون نحو الكتابة , هي التي كانت تعاني عجزا عن التعبير بالعربية ؟ لكن هذا وجه آخر من وجوه التحديات التي واجهتها , و التي كان يجب عليها أن تقهرها ! كتبت كتيبا صغيرا بعد عودتها من المؤتمر النسائي الذي حضرته في باريس في 1947 , كان عنانه (( 80 مليون امرأة معنا )) . و كان يهدف الى تعريف الناس بنضال المرأة أثناء الحرب العالمية الثانية و دورها البطولي في مقاومة الاحتلال النازي و الفاشية , (( كما كان الكتاب يهدف الى ابراز أهمية الوحدة بين نساء العالم لنيل حقوقهم العادلة .

 و ظلت انجي تخوض معارك النضال الوطني ذات الطابع التقدمي و الديموقراطي . و تتوهج و يتدفق عطائها في لحظات المواجهة : في 1951 و الكفاح المسلح في القناة , في 1956 و صد العدوان الثلاثي , في انتخابات (( مجلس الامة )) في 1957 ( و الشيء المحزن حقا في تاريخها الشخصي هو رحيل زوجها و رفيقها المفاجيء في أعقاب هذه الانتخابات , كان في الرابعة و الثلاثين , و كانت في الثالثة و الثلاثين , ولم يعوضها شيء عن فقده و انكسار قلبها سوى مزيد من الانغماس في العمل )) .

و ظلت كذلك تمارس عملها التنظيمي السري حتى أصبحت في (( اللجنة المركزية )) للتنظيم الذي تنتمي اليه , وحين بدأت حملة الاعتقالات الضارية مع اليوم الاول من 1959 قررت انجي الاختفاء و الاستمرار في النشاط , لكن هذا لم يدم طويلا : القى القبض عليها في مايوا من ذات السنة , وكانت بنت الارستقراطية العريقة متنكرة في ثوب فلاحة مصرية !

و قضت انجي السنوات من 1959 الى 1963 في سجن القناطر للنساء , و تشغل ذكريات السجن ( و أثمنها : كيف يكون الفن الحقيقي قادرا على تخطي الجدران الى العالم الرحب ) , حيزا كبيرا في المذكرات التي تنتهي بإطلاق سراحها : , (( فقد كان تصميمها منذ البداية أن المذكرات حديث عن الذات و المجتمع و بانتهاء ما هو عام ينتهي هذا الحديث )) .

تحية لذكرى سيدة مصرية عظيمة , اختارت – بمليء حريتها – أن تهجر طبقها المترفة و المترهلة الخاوية العقيم , و أن تمسك أعنة حياتها بيد قوية – ذات اليد التي كانت تمسك الفرشاة - , و أن تصنع بها ما شاءت أن تصنع .

و كانت جائزتها الثمينة ان تحققت : انسانة و فنانة و مناضلة , و ان نعمت طويلا بمسرات العقل و القلب و الروح و الجسد 
رابط المحتـوى
http://www.ina-iraq.net/content.php?id=95919
عدد المشـاهدات 462   تاريخ الإضافـة 09/04/2023 - 12:00   آخـر تحديـث 02/05/2024 - 15:50   رقم المحتـوى 95919
 
محتـويات مشـابهة
بسبب فقدان أضابير تنفيذية .. النزاهـة تعلن تنفيذ مذكرات قبض بحق 11 متهما بينهم مدير تنفـيذ الديوانـية السابق
رئيس الجمهورية يلتقي نظيره الاذربيجاني ويتفقان على توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات
أبو رغيف يبحث مع مسؤول ايراني تفعيل المذكرات والاتفاقيات الثقافية بين الجانبين
لتوقيع مذكرات تفاهم .. وزير الخارجية الباكستاني يزور بغداد غدا
العراق وسوريا يبحثان امكانية عقد مذكرات تفاهم قضائية
 
الرئيسية
عن الوكالة
أعلن معنا
خريطة الموقع
إتصل بنا